Translate

Traveller 3

traveller3 (74)

مدونات تعليمية

 

باب ماجاء في العود الحميد للمعلم السعيد

Sunday, 25 August 2019




لا زلت اتذكر احدى ليالي العودة للمدرسة خلال سنوات تدريسي الستة عشر ..
كان مزاجي اسوء من مزاج طفل بدأت امه في اخفاء العاب الصيف و رفعها بعيداً ، تاليةً على اسماعه سلسلة الانظمة المنزلية المتزامنة مع بداية السنة الاكاديمية بنبرة صارمة حادة مذكرةً اياه انها في هذا العام لن تقبل باللعب (( اياه)) و الدرجات الخايبة (( اياها)).. بينما يراقبها هو فراشة تتجول داخل معدته تتحول الى غصة تسد حنكه حين وصلت والدته الى فقرة: الحمدلله ان المعلم الفلاني سيدرسك هذا العام فهو صارم لا يقبل (( بالبهللة)) التي قبل بها معلمك العام الفائت ..

كنت اشعر بمثل ماشعر به ذلك الطفل و اكثر .. كمعلمة مغتربة أعمل في مدرسة لم افهم بيئة طالباتها اللواتي حرمن وسائل الالتحاق بالمدنية ، مختنقة داخل مبنىً تعيس يؤلمك مجرد النظر الى جدرانه، قد ابتليت بمشرفة مادة تخصصها التنكيد لا التنمية، و معلمات مدرسة يحسن الغيبة و نقل الحكي اكثر من اي امر آخر ، والعديد من تلك المنغصات اللتي لا تنتهي ..

بعد عدة سنوات .. و تنقلات عديدة بين المدارس .. و مخالطة اصناف من البشر من معلمات و طالبات و الاحتكاك بالعديد من انواع القائدات سواء كنّ  قائداتي المباشرات او مشرفاتي الفنيات، اكتشفت ان مسؤوليتهم عن سعادتي المهنية  و رضاي الوظيفي أقل بكثير مما كنت أعول عليه.

اتمنى ان لا تخونني الكلمات في شرح فكرتي .. فما اود قوله ان الصعوبات التي نواجهها في مجتمعاتنا المهنية تؤثر بلاشك في العديد من الامور و هو أمرٌ متفق عليه علمياً .. و لكن الأمر الآخر الذي تشترك فيه كثير من الابحاث التي تخص الرضا الوظيفي ، هو مهارة الشخص في التعامل مع التحديات والضغوط ..

( كفاية حلطمة) اصبح شعاري بعد أن انصدمت في فترةٍ ما توالت فيها تغيرات عديدة في التعليم سمحت فيها للمحبطين أن يتسللوا الى نفسيتي و ان يشحنوني معهم سلبية في مقر عملي الذي يبعد آلاف الكيلوميترات عن مكاتب الوزارة ..
فبالأمس كنت أُحبَط و أُحبِط .. و اعيد و ازيد في مناقشة سلبيات كل تغيير يحدث .. وبعد أن تعلمت ان اقول لنفسي ( كفى حلطمة).. اصبح تفاعلي مع التغيير هو ( جربي .. بطريقة ايجابية.. ثم احكمي) ..
واليوم وبما أن الاحباط اصبح يوزع بالمجان و الإجبار مقروءاً و مسموعاً و بشكل كاريكتيرات و تسجيلات صوتية عالواتس اب وقد تحولت بعض مجموعات التنمية المهنية والتي انشئت في الأساس لتبادر الخبرات مستنقعات لتدمير النفسية و اطفاء الأمل في نفوس المعلمات، فقد اصبح الابتعاد عن المحبطين واجباً، لانهم كفيلون بتعطيل كل طريقة قد تواسين بها نفسك لتكوني معلمة سعيدة.


الحل مع الروؤساء و كل من يعلوني رتبة ؟
لا حل إلا حل المولى و عليه اوكل كل اموري .. قد يبدو ذلك غارقاً في التشاؤم ! بينما هو سر الرضا .. فإن كنت على وفاق مع وكيلة المدرسة ، مديرتها، و مشرفتي .. فهي نعمة نادرة بالمناسبة فقلما ان يكون هذا الثلاثي كله رائع .. (لو كانوا كلهم يستلطفوكي .. حطيهم بين رموش عيونك و لا تقولي لأحد 😂)
في أرض الواقع .. عادةً ما تبتلى المعلمة بإحدى ثلاثة.. مديرة او وكيلة او مشرفة ..
اسمحي لنفسك بأن تتفاجئي من موقفهم اول سنة .. اما السنة الثانية فالمفترض انك تعلمتِ متى تتفادينهم و متى تفاوضينهم ومتى تواجينهم..
هي مهارات خذيها عني.. فالتفادي و المفاوضة و المواجهة لها اوقات و من يتقنها سوف يخفف على ذاته الكثير من ضغوط التعامل مع الروؤساء ..

مهارة أخرى .. افهمي الآخرين.. مايسعدهم و مايغضبهم. استيعابك لشخصيتك رئيستك في العمل سيجعلك تتنبئين بما يمثله الموظف الجيد و الغير جيد في وجهة نظرها ( حتقولي لي في ناس مالها حل! .. اعرف والله .. ولكن هل من المنطق ان اجعلهم ينجحون في تنكيد حياتي)

اصنعي حجرة صف سعيدة ..

طالباتك ثم طالباتك ثم طالباتك .. اذا احبوك و وثقوا بك فستصبح حجرة الصف اجمل مكان في مدرستك و ستصغر في عينك كل الخلافات المتوقعة و ستجدين عزائك و سلواك في تلك العيون المتعطشة لخبراتك و ارشادك..

اصعب عنق زجاجة قد تمر به معلمة من وجهة نظري هو ذلك الذي تتحول فيه من شخص يطبق الاستراتيجيات و يتذمر من عدم جدواها .. الى شخص يدرب طلابه على مهارات تفكير و يعرف ماذا يختار و لماذا يختار و كيف يختار اسلوب التدريس المناسب ..

هي مرحلة كانت فاصلة في نظرتي لنفسي كمعلمة و في نظرتي لطالباتي .. وهي مسألة يطول شرحها و لعلي افرد لها حديثاً ذات يوم ..


المعلم المنتج .. لن يكون معلماً تعيساً ابداً ... هو يعطي طلابه أملاً .. و يكتسب منهم تفاؤلاً .. وهو ليس بصف كلام .. وليس امراً يمكننا ان نحصل عليه في حصة او حصتين ..


التحديات التي تواجه المعلمات هي اكبر التحديات على كافة الاصعدة بوجهة نظري .. لكنني أؤمن ان الرضا لابد ان لا يعتمد بالكلية على ماتقدمه لنا المؤسسة التعليمية .. بل يجدر ان يتعداه الى نية العطاء و الثقة بقدراتنا و التنمية لمهاراتنا الاجتماعية و الاكاديمية والتعليمية ..

المعلمون المتشائمون لا يتعلمون جديداً و إن تعلموا لا يطبقون .. حرموا نفسهم متعة من اجمل متع المهنة .. وهي اكتشاف العقل البشري و صناعة الانسان ..

أن تجدي أمامك يوماً ما طالبة أجادت في حياتها الشخصية او المهنية  بسبب مهارة تعلمتها منك و جعلت منها شخصاً افضل .. ستبتسمين بصمت و لن يعرف سركما الصغير هذا سوى الله تعالى ..

العالم بحاجة الى معلمة سعيدة .. راضية .. قادرة على ان تصنع لنفسها ولغيرها الأمل ..


عوداً حميداً اخواتي المعلمات .. وسنة حلوة يارب لكل جميلات الميدان


اختكم
ايمان عبدالحكيم

Twitter: @Eman2_o

0 comments:

Post a Comment

Lorem

Please note: Delete this widget in your dashboard. This is just a widget example.

Ipsum

Please note: Delete this widget in your dashboard. This is just a widget example.

Dolor

Please note: Delete this widget in your dashboard. This is just a widget example.